تمرُّ الأيّام وتمضي السّنين، ونحن من أفكارنا ومعتقداتنا واثقين، إلى أن يواجهنا سؤال واحدٌ يهزّ كياننا ويؤثر بعمق في طريقة تفكيرنا لدرجة تعطينا انطباعًا بأن الحياة لم تعد أبدًا تلك الحياة التي عشناها مطمئنّين.
… في أحد أيّام شتاء عام 2001م، سألني صديقي الوحيد آنذاك سؤالًا غريبًا لم أكن أتوقّعه، وكان في عينيه بريق يخبرني أنّ للسؤال جوابًا غير الذي أعرفه. ظننته سؤالًا بلا معنى فهو في العقيدة من المُسلّمات، لكنّه كان بمثابة الرجَّة القويّة التي أفاقتني من سُبات. إنّها سنتي الخامسة في كلّية الطّب بالعاصمة الرباط، وهي سنة سأظلّ أتذكّرها ما بقي في العمر من سنوات.
هكذا كانت البداية …
مسافر إلى الله
محطّات في رحلة البحث عن الحقيقة
"مسافر إلى الله" كتاب يحكي قصة سفر روحاني بحثا في الحقيقة الدينية والمفاهيم الوجودية التي شكّلت محطّات رحلة حقيقية يُعيد الكاتب سرد أطوارها وما رافقها من تساؤلات واكتشافات، وما نتج عنها من قناعات واختيارات ستغيّر مسار حياته للأبد.
فَوَسط هذا الاختلاف والتنوّع في الأفكار والمعتقدات من منَّا يمتلك الحقيقة؟! من منَّا يعرف الله حقَّ المعرفة حتى يدَّعي أنَّه خَيْرُ الخليقة؟ وماذا نعرف عن وجوده وعن ملكوته حتّى نؤمن به أو لا نؤمن بالمرة؟ ماذا نعرف عن رُسُله، عن طبيعتهم وعن حُجَّتهم، حتّى نصدّقهم أو نُسارع إلى تكذيبهم؟ ماذا نعرف عن الأديان، عن تاريخها وعن أصلها؟ ماذا نعرف عن الكلمة الإلهيّة، عن معناها وعن ماهيّتها؟ وما الذي نعرفه عن الروح وعن بقائها، وعن الحياة والسبب من وجودها؟ … كلّ ما نعرفه مبنيٌّ على إيمان واعتقاد، فلماذا كلّ هذا الجدال والعناد؟! لماذا الإصرار على رأي دون بحث واجتهاد بقلب سليم وشوق في الفؤاد؟ ففي النهاية هو سؤالٌ في المصير وليس في الهويّة ومن معه الحقُّ ومن له السَّداد.
شاركنا رأيك حول محطّات هذه الرّحلة أو لربّما تُشاركنا رحلتك أنت أيضا!!
محطّات الرّحلة مرفقة بالصّوت
يكون زر الصّوت أعلى الصّفحات
اضغط على زر التشغيل للاستماع
يُشكّل الموروث المقدّس قناعة راسخة يصعب علينا مناقشتها والتعامل معها على أنّها مُجرّد اعتقاد مبني على مسلّمات غيبيّة. ويزيد من صعوبة الوضع اعتمادنا على معرفة جاهزة للاستهلاك تشكّل التوجّه الغالب والمتعارف عليه لمجتمع ما. هذه القناعات الموروثة، والتي تحدّد جُزءًا مُهِمًّا من هويّتنا الجماعيّة، تفرز لنا تلقائيًّا تعصّبًا فكريًّا يصل مداه حين تكون هويّتنا على المحك ...
في أحد أيّام شتاء عام 2001م، سألني صديقي الوحيد آنذاك سؤالًا غريبًا لم أكن أتوقّعه، وكان في عينيه بريق يخبرني أنّ للسؤال جوابًا غير الذي أعرفه. ظننته في البداية سؤالًا بلا معنى فهو في العقيدة من المُسلّمات، لكنّه كان بمثابة الرجَّة القويّة التي أفاقتني من سُبات. إنّها سنتي الخامسة في كليّة الطب بالعاصمة الرباط، وهي سنة سأظل أتذكّرها ما بقي في العمر من سنوات ...
بالرغم من تكويني العلمي وتركيزي الدراسي على الموادّ العلميّة التي خوّلتني أن ألج كلّيّة الطب وأصبح طبيبًا في النهاية، فقد كان لي حظٌّ وافرٌ بتلقّي تربية دينيّة رسَّخت في أعماقي مشاعر روحانيّة وطمأنينة داخليّة، وجعلتني متشبّعًا بثقافة عربيّة إسلاميّة أثَّرت في اختياراتي الفكريّة واهتماماتي الأدبيّة. وكنت منذ الصغر أميل في البحث والقراءة لكلّ ما له صلة بالأديان وقصص الرُّسل والأمم السابقة ...
الدِّين رُؤية لا غِنى عنها في عالمنا اليوم، تحكم أفكارنا الشخصيّة والمجتمعيّة. لكنّ مفهومه فضفاض جدّاً ومعانيه تختلف بين ما هو متداول من مدلولاته اللغويّة والسوسيولوجيّة، وبين التعريفات القادمة من صلب الأديان نفسها. فمثلًا ما نعرفه عن الِّدين إجمالًا هو كونه مصطلح يُطلق على مجموعة من الأفكار والعقائد التي توضّح، بحسب معتنقيها، الغاية من الحياة والكون وما يترتّب عن ذلك من ...
"الله" أو "اسم الجلالة"، كما يصفه اللغويُّون، كلمة دالّة على المعبود خالق الكون وموجد الوجود. وهي من أكثر الكلمات استعمالًا في حياتنا اليوميّة وأيضًا من أكثرها غموضًا وجدليّة. هي كلمة يردّدها المتديّنون في صلواتهم ومناجاتهم، وحتّى خارج النطاق التعبّدي نجدها تحتلّ حيّزًا مُهمًّا في تعابير المجتمعات المتديّنة سواء كان ذلك بوازع إيماني أو من باب التقليد والاعتياد ...
الآية الأربعون من سورة الأحزاب في القرآن الكريم، والتي تعالج مسألة تبنّي رسول الإسلام لأحد الشباب من بين المؤمنين الأوائل، وهو زيد بن حارثة، ستصبح فيما بعد من أشهر آيات القرآن وأكثرها تأثيرًا في مجرى الأحداث ومدعاة للتأويل والشرح والاستنتاج. فالآية نفسها تمثّل اليوم الدليل القرآني الصريح على انتهاء الرسالات الإلهيّة: "مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ...
مِن بين الأمور التي لفتت انتباهي وبدأت تشغل تفكيري في موضوع تعدّد الديانات واختلافها، هو السبب وراء تمسّك كلّ فئة بمعتقدها ورفضها التغيير أو مجرّد الاطّلاع على ما جاءت به الأديان الأخرى. وحين تتحدّث هذه الأديان عن ظهور شخصيّة قياديّة جديدة، فيما اصطلح عليه بالنبوَّات أو التنبّؤات، يُفهم ضمنيًّا بأنّ هذا المبعوث "المنتظر" سيحافظ على الدين نفسه دون تغيير ...
في هذه المرحلة من رحلة البحث والاكتشاف أصبحت فجأة أرى الوجود بشكل مختلف، وبدأت أفهم ما يجري من أمور متسارعة في اتّفاق وتناغم بين ما كنت أعتقده وما صرت أؤمن به من فهم روحي وعلمي لما يعنيه التطوّر البشري من يوم لآخر، وأنّ هذا اليوم الذي نعيش فيه شعاره العالميّة حيث الأرض وطن واحد وجميع البشر سكّانه. لقد تبدّل وجه العالم في السنوات الأخيرة وأصبح ...
لقد اقتربت ساعة الحسم في مسيرتي الدراسيّة، ودنت تلك اللحظة التي ستغير مجرى حياتي إلى الأبد. الآن لم يتبقَّ على مناقشتي رسالة الدكتوراه في الطب سوى أيّام معدودة. في هذه الفترة كنت منشغلًا طوال اليوم بالتحضيرات والمراجعات النهائيّة، وكأنّني أُسابق الزمن. وعندما يَحلُّ الليل ويُخيّم السكون على أرجاء المدينة، كنت آخذ بين يدي كتاب "الإيقان" ...
الثالث من شهر مارس/آذار سنة 2004م ... إنّه الموعد الذي تَمّ تحديده لمُناقشة رسالة الدكتوراه وتأدية قسم الطبيب. كانت تفصلني عن تلك اللحظة الاستثنائيّة بضعة أيّام فقط، ولم يتبقّ لي سوى بعض التفاصيل الصغيرة لإتمام كلّ شيء. في هذه الأثناء التقيت كالعادة بصديقي، فسألني إن كان من أمر يستطيع القيام به لمساعدتي. شكرته على لطفه، وقلت له ...
كنت في الثانية عشرة من عمري حين راودني حلمٌ غريب. أذكر ما رأيته في تلك الليلة كما أذكر يومي هذا: حلمت أنّنا مجتمعون في بيت قديم، أنا وأبي وأمي وكل أفراد العائلة الكبيرة، وكان على الباب حارسان يقفان وكأنّنا محتجزون. وفجأة ظهر نورٌ عظيم أضاء البيت بشدّة، وصاح الحارسان لقد جاء رسول الله. ثم دخل علينا رجل بلباس أبيض يُحيط به ذلك النور وكأنّه يشعُّ منه، وراح ...